فصل: فصل في القرض وهو السلف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)



.فصل في القرض وهو السلف:

بفتح القاف وقيل بكسرها، وفي الذخيرة هو من أعظم المعروف وأجل القرب وأصله الندب وقد يجب في مسغبة ونحوها. وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (قرض مرتين يعدل صدقة مرة) خرَّجه البزار وصححه عبد الحق، وروي أن درهم القرض بثمانية عشرة ودرهم الصدقة بعشرة كذا رآه (صلى الله عليه وسلم) مكتوباً على باب الجنة ليلة الإسراء، وسأل جبريل: (ما بال القرض أفضل من الصدقة) فقال: إن السائل يسأل وعنده كفاية، والمقترض لا يقترض إلا لحاجة، وهذا يعارض ما دل عليه حديث البراز من أن الصدقة أفضل. وعرفه ابن عرفة بقوله: القرض دفع متمول في عوض غير مخالف له لا عاجلاً تفضلاً فقط لا يوجب إمكان عارية لا تحل متعلقاً بذمته. اهـ. فخرج بقوله متمول غير المتمول كالخمر والخنزير ويدخل جلد الميتة المدبوغ، فإنه يجوز قرضه ليرد له مثله على الراجح لأنه متمول، وأما جلد الأضحية فلا يجوز قرضه لأنه بيع له، وبقوله في عوض دفعه هبة، وبقوله غير مخالف له البيع، وقوله لا عاجلاً عطف على مقدر أي حال كونه مؤجلاً لا عاجلاً أخرج به المبادلة المثلية فإنه يصدق الحد عليها لولا الزيادة. وبقوله تفضلاً إلخ. قصد نفع نفسه أو أجنبي، وبقوله لا يوجب الخ قرض الجارية، وبقوله متعلقاً بذمته إلخ. نحو دفع شاة في أخرى بعينها لأجل ثم قال: ولو قلنا مماثل بدل غير مخالف لم يشمل إلا ما شرط فيه المثل لامتناع مماثلة الشيء نفسه. اهـ. واعترض بأنه جعل جنسه الدفع مع أن القرض يوجد ويلزم بلا دفع لأنه يلزم بالقول وقد يجاب بأن المعنى عقد على دفع متمول إلخ.
القَرْضُ جَائزٌ وفِعْلٌ جَارِي ** في كلِّ شَيْءٍ ما عَدَا الجَوَارِي

(القرض جائز) بل مندوب إليه كما مر، وإنما عبر بالجواز لأجل الإخراج في قوله: ما عدا الجواري (وفعل جار في كل شيء) من النقود والأطعمة والمقومات والمثليات والحيوان (ما عدا الجواري) فإنه لا يجوز قرضهن لغير محرم منهن ولغير امرأة وصغير لأن ذلك يؤدي إلى عارية الفروج، لأن المقترض لما كان متمكناً من رد المثل والعين بعد الغيبة عليه ما لم تتغير صفته كان رد العين في معنى عارية الفرج، لأنه يستمتع بها ما شاء ثم يردها بعينها ويقضى على المقرض بقبولها حيث لم تتغير صفتها، ولذلك انتفى المنع إذا كان المقترض محرماً منها كبنت أخيه أو كان امرأة أو صغيراً أو كانت الجارية لا يوطأ مثلها ولا تبلغ في مدة القرض سن من يوطأ مثلها، ومثل الجواري في المنع المذكور ما لا يمكن الوفاء بمثله كالدور والأرضين أو ما لا تحصره الصفة كتراب المعادن، وكذا الجزاف فإنه لا يجوز قرضه إلا ما قل كرغيف برغيف، وبالجملة فكل ما لا يصح السلم فيه كهذه الأمور لا يجوز قرضه. (خ): يجوز قرض ما يسلم فيه فقط إلا جارية تحل للمستقرض أي فإنه يجوز السلم فيها ولا يجوز قرضها، فإن وقع ونزل وأقرضت لمن يحل له وطؤها فإنها ترد إذا لم تفت بوطء ونحوه من غيبة عليها وإلا رد قيمتها، ومحل المنع في استقراض الجواري إذا لم يشترط عليه رد المثل وإلاَّ جاز عند ابن عبد الحكم والأكثر على أنه وفاق للمذهب حينئذ.
تنبيه:
لا يجوز تصديق القرض في كيل الطعام أو وزنه أو عده لئلا يجد المقترض نقصاً فيغتفره رجاء أن يؤخره عند الأجل، فإن وقع وصدقه لم يفسخ كما في ابن يونس (خ): وتصديق فبه كمبادلة ربويين ومقرض إلخ.
وشَرْطُهُ أن لا يَجُرَّ مَنْفَعَه ** وَحَاكِمٌ بِذَاكَ كلٌّ مَنَعَه

(وشرطه): أي القرض (أن لا يجر منفعة) للمقرض أو الأجنبي فإن جرها لأحدهما أولهما امتنع كما قال (و) قرض (حاكم بذاك) أي بجر المنفعة للمقرض أو لأجنبي ولو قلت كسلف طعام عفن أو سايس أو مبلول أو رطب أو قديم أخذ سالم عنه أو يابس أو جديد (كل منعه) إن لم تكن مسغبة، فإن كانت والنفع للمقترض وحده بحيث لو باعه ربه أمكنه أن يشتري بثمنه في زمن الرد مثله أو أكثر فيجوز (خ): إلا أن يقوم دليل على أن القصد نفع المقترض فقط في الجميع كفدان مستحصد خفت مؤنه عليه يحصده ويدرسه ويرد مثله، وإن كان النفع للمقرض والمقترض معاً كما لو كان بحيث لو باعه لم يمكنه أن يشتري به مثله، بل أقل، فالمشهور المنع. وروى أبو الفرج: الجواز.
قلت: وينبغي التمسك به نظراً لحاجة المقترض، وقولي: بشرط أخذ سالم إلخ. احترازاً مما إذا لم يشترط عليه ذلك ولا جرت به عادة، وإنما تطوع المقترض بقضاء السالم عن العفن ونحوه، فإنه جائز (خ): وقضاء قرض بمساو وأفضل صفة إلى قوله لا أزيد عدداً أو وزناً إلخ. وفي ابن يونس عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رجلاً قال: أسلفت لرجل سلفاً واشترطت عليه أفضل منه. فقال ابن عمر: ذلك الربا. قال: وأرى أن تمزق الصحيفة أي الرسم، فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته وإن أعطاك دونه فأخذته أجرت عليه، وإن أعطاك فوق ذلك طيبة بذلك نفسه فذلك شكر شكره لك ولك أجر ما أنظرته. اهـ.
تنبيه:
من سلف بمنفعة مسألة السفتجة وهي البطاقة التي يكتب فيها الإحالة بالدين، وذلك أن يسلف الرجل مالاً في غير بلده لبعض أهله ويكتب القابض لنائبه أو يذهب معه بنفسه ليدفع عوضه في بلد المسلف وهي ممنوعة على المشهور، إلا أن يعم الخوف. وروى ابن الجلاب عن مالك الكراهة، وأجازها ابن عبد الحكم مطلقاً عم الخوف أم لا. وهذه المسألة تقع اليوم كثيراً في مناقلة الطعام فيكون للرجل وسق من طعام مثلاً في بلد فيسلفه لمن يدفعه له في بلده أو قريب منه فتجري فيها الأقوال المذكورة إن كان ذلك على وجه السلف لا على وجه المبادلة والبيع، وحينئذ فلا يشوش على الناس بالمشهور إذ لهم مستند في جواز ذلك، ولا ينكر على الإنسان في فعل مختلف فيه كما مرَّ في بياض الأشجار في المساقاة وأوائل الإجارة والمزارعة والله أعلم. وكذا اختلف في ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن مفصل بين أن يكون ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ مثل أجره فذلك جائز وإلاَّ حرم. وهذا هو الحق ولكن لا ينكر على دافعه ولا على آخذه مطلقاً لأنه مختلف فيه فلا ينكر على من دفعه لمن يتكلم في أمره مع السلطان ونحوه كما هي عادة الناس اليوم، ثم المشهور أن القرض يملك بالقول فيصير مالاً من أموال المقترض ويدخل في ضمانه بالعقد كغيره من العقود الصحيحة ما لم يكن فيه حق توفية وإلاَّ فلا يدخل في ضمانه إلا بالتوفية وإذا لزم بالقول فإنه يقضي له به ويبقى بيده إلى الأجل أو قدر ما يرى في العادة أنه قد انتفع به إن لم يضربا أجلاً كما قال:
وليس باللازم أنْ يُرَدَّا ** قبلَ انقِضَاءِ أَجْلٍ قد حُدَّا

(وليس باللازم) للمقترض (أن يردا) القرض لمقرضه (قبل انقضاء أجل قد حدا) بنص أو عادة لأن العادة كالشرط (خ) وملك بالقول ولم يلزم رده إلا بشرط أو عادة إلخ.
وإن رأى مسَلِّفٌ تَعْجيلَهُ ** أُلْزِمَ مَنْ سَلَّفَهُ قُبَولَهُ

(وإن رأى مسلف) بفتح اللام (تعجيله) أي السلف لربه قبل أجله (ألزم من سلفه قبوله) كان عيناً أو غيرها، ولو نفس المال المقترض بالفتح إن لم يتغير أو تغير بزيادة، فإن تغير بنقص خير وهذا إذا قضاه بمحل قبضه وإلاَّ فلا يلزم ربه أخذه لما فيه من زيادة الكلفة عليه إن كان غير عين، وإلاَّ لزمه قبوله إن كان المحل مأموناً (خ): كأخذه بغير محله إلا العين.
تنبيهات:
الأول: إذا تنازعا في اشتراط الأجل فقال المقرض: على الحلول، وخالفه المقترض فالقول للمقترض على المعتمد فإن اختلفا في قدر مدة تأجيله فالقول للمقرض، فإن التزم المتسلف تصديق المسلف في عدم القضاء بلا يمين، فذكر ابن ناجي أن الذي عليه العمل هو أعمال الشرط فلا يحلف.
الثاني: لو جاء المديان ببعض الحق وقال ربه: لا أقبل إلا كله فقال ابن القاسم: إن كان الغريم موسراً لم يجبر رب المال على أخذ ما جاء به، وإن كان معسراً أجبر وقيل يجبر ولو موسراً، وظاهر الجزولي أنه الراجح.
الثالث: يصح السلف على شرط على شرط أن يرده من مال بعينه وأخذه بعضهم من قصر سلف اليتيم على ما في ملكه يوم السلف كما في ابن عرفة في السلم وأوائل القرض.

.باب في العتق وما يتصل به:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار حتى فرجه بفرجه). ابن عرفة: العتق رفع ملك حقيقي لا بسباء محرم عن آدمي حي فخرج بملك رفع غير الملك كرفع الحكم بالنسخ مثلاً، وخرج بحقيقي استحقاق عبد بحرية لأن المستحق من يده ليس بمالك في الحقيقة، وبقوله: لا بسباء محرم فداء المسلم من حرب سباه أو ممن صار له منه لأن ملك الحربي له سباء محرم وهو عطف على مقدر أي بسباء حلال لا بسباء محرم، وبقوله: حي إلخ. رفعه عند الموت وأورد عليه أن قوله: لا بسباء محرم مستغنى عنه بقوله: ملك حقيقي لأن محترزه ليس فيه ملك حقيقي، وأورد عليه أيضاً أنه غير مانع لصدقه ببيع العبد فإنه رفع ملك أيضاً. وقد يجاب عن هذا الثاني بأن ملك في سياق النفي فيعم ولا يتحقق عمومه إلا برفع كل ملك والبيع فيه رفع ملك البائع وثبوت ملك المشتري.
العِتْقُ بالتدْبيرِ وَالْوَصاةِ ** وبالْكِتَابَةِ وبَالبَيّنَاتِ

(العتق) على أربعة أوجه (بالتدبير) وهو كما في (خ) تعليق مكلف رشيد وان زوجة في زائد الثلث العتق بموته على غير وجه الوصية لا على وجه الوصية فقوله: العتق معمول تعليق وهو على حذف مضاف أي: تعليقة نفوذ العتق لأن المعلق إنما هو نفوذ العتق، وأما إنشاء العتق فهو من الآن فالتدبير تعليق على وجه الانبرام واللزوم، والوصية تعليق على وجه الانحلال والرجوع. والتعاليق ثلاثة: معنوي ولفظي ونحوي، وكل واحد أخص مما قبله، فالأول يشمل أم الولد لأن حريتها معلقة على موت سيدها ولا لفظ في ذلك التعليق، واللفظي يشمل النحوي، وهو الذي لا يكون إلا بأداة الشرط ويشمل نحو: أنت مدبر ودبرتك ونحوه لأنه تعليق بغير أداة الشرط، واللفظي هو مراد الفقهاء في هذا الباب، وعليه فإذا أتى بأداة الشرط فقال: إن كلمت فلاناً أو دخلت الدار فأنت حر بعد موتي، أو فأنت مدبر فدخل الدار أو كلم فلاناً فذلك تدبير لازم سواء نوى التدبير أم لا. لأنه حانث في يمينه وبوقوع المعلق عليه لزمه ذلك ولا ينفذ إلا بعد موته لأنه شرط ذلك في يمينه، وإن لم يأت بأداة الشرط فتارة يأتي بألفاظ صريحة في التدبير كقوله: دبرتك وأنت مدبر أو حر عن دبر مني فإنه يكون تدبيراً لازماً لا رجوع فيه، ولو لم ينو لزومه لأن الصيغة الصريحة في بابها لا تنصرف لغيرها إلا ببينة أو قرينة كقوله: ما لم أغير ذلك أو أرجع عنه، فإن نوى بذلك عدم اللزوم وأن له الرجوع والانحلال، فظاهر التوضيح أنه ينصرف للوصية وأحرى، إذا أتى بالقرينة الدالة على عدم اللزوم، وتارة يأتي بألفاظ صريحة في الوصية كقوله: إن مت من مرضي أو سفري هذا فأنت حر أو مدبر فذلك وصية غير لازمة، وله الرجوع فيه لأنه لما علقه على الموت من ذلك المرض أو السفر وقد ينشأ عنهما موت وقد لا ينشأ، وذلك يقتضي أن له الرجوع وإن لم يمت في ذلك المرض أو السفر كان ذلك قرينة صارفة عن التدبير إلا أن ينوي لزوم الحرية والتدبير فلا رجوع له وتنصرف للتدبير حنيئذ، وكذا إذا قال في صحته: أنت حر بعد موتى أو يوم أموت فهو وصية لأن ذلك من صيغتها الصريحة حتى ينوي بذلك اللزوم، أو يأتي بقرينة فيقول مثلاً: هو حر بعد موتي لا يغير عن ذلك فينصرف للتدبير.
وقد تحصل أن العتق بعد الموت إذا التزمه بنية اللزوم وعدم الرجوع أو أتى بقرينة فهو التدبير ولو كان بصيغة الوصية الصريحة، وإن كان التزمه بعد الموت أيضاً بنية الرجوع فيه والانحلال أو أتى بقرينة فهو الوصية، ولو كان بصريح التدبير فإن لم تكن له نية ولا قرينة فإن كان بصريح التدبير فتدبير وبصريح الوصية فوصية وإنما كان ينصرف صريح التدبير للوصية بالنية والقرينة وبالعكس لتقارب هذين البابين، وهذا إذا لم يعلقه بالأداة على شيء وحنث فيه وإلاَّ فليزمه بالحنث، ولو نوى عدم اللزوم مؤاخذة له بظاهر لفظه المخالف لنيته كما مرَّ أول التقرير، وأما لو قال: هو حر بعد موتي بيوم أو شهر أو أكثر فهو وصية لمخالفته للتدبير بكونه غير معلق على الموت إلا أن يريد التدبير، وبهذا كله يظهر الفرق بين الوصية والتدبير وإن كان كل منهما لا ينفذ إلا من الثلث. قال سحنون لابن القاسم: أي شيء هذا التدبير في قول مالك؟ فقال: هو إيجاب أوجبه السيد على نفسه والإيجاب عند مالك لازم، ثم قال: وما الوصية؟ فقال: إنها عدة، والعدة ليست بإيجاب والتدبير إيجاب والإيجاب ليس بعده. اهـ. وقال فيمن قال: أنت حر بعد موتي يسأل؟ فإن نوى التدبير أو الوصية فإنه يصدق ويلزمه ما نوى. اهـ. ولأجل أن العتق في التدبير لازم لا رجوع فيه استتبع الأولاد وكانوا مدبرين كأمهم بخلاف الوصية بالعتق فإن الأولاد لا يتبعون أمهم كما قاله ابن القصار. وحكى عليه الإجماع وقول (خ): وإن زوجة في زائد ثلثها إلخ. إنما كان يلزمها ولو في زائد ثلثها بل ولو في عبد لا تملك غيره. مع أنها محجر عليها في زائد الثلث، لأن الزوج لا ضرر عليه لأنه وإن كان الآن زائداً على الثلث فلا ينفذ بعد الموت إلا منه فلا ضرر عليه.
تنبيه:
اعترض ابن عرفة تعريف ابن الحاجب للتدبير الذي هو كتعريف (خ) المتقدم وقال: إنه حد تركيبي وهو وقف معرفة المعرف على معرفة حقيقة أخرى أجنبية عنه ليست أعم ولا أخص وهي هنا وصية، فإن الوصية تفتقر إلى حدها أيضاً وهي مباينة للتدبير فلا يعرف حينئذ التدبير إلا بمعرفة الوصية، والحد التركيبي يجتنب في الحدود. ويجاب عن ذلك بأن ابن الحاجب أراد الوصف اللازم للوصية فكأنه قال: التدبير تعليق على وجه اللزوم لا على وجه غير اللزوم.
(و) ب (الوصاة) بفتح الواو أي الوصية كقوله: إن مت من مرضي أو سفري هذا فأنت حر أو مدبر أو حر بعد موتي ولم يرد به التدبير أو حر بعد موتي بيومٍ أو شهر ولم ينو به التدبير كما مرَّ. (وبالكتابة) وهي كما لابن عرفة عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه فيخرج ما على مال معجل، ولذا قال فيها: لا تجوز كتابة أم الولد ويجوز عتقها على مال معجل، ويخرج عتق العبد على مال مؤجل على أجنبي إلخ. فقوله: على مال أخرج به العتق على غير مال سواء كان بتلا أو لأجل، وقوله: مؤجل أخرج به القطاعة، وقوله: موقوف على أدائه أخرج به العتق المعجل على أداء مال إلى أجل، فإنه ليس بكتابة عرفاً، ولكن العتق لازم للسيد معجلاً ولزم المال للعبد معجلاً إن كان موسراً ويتبع به ديناً في ذمته إن كان معسراً. قال ابن مرزوق: والصواب أن يقول عقد يوجب عتقاً الخ لأنها سبب في العتق لا نفسه. (وبالبتات) وهو العتق الناجز على غير مال كما مر.
وصيغته: إما صريحة وهي التي لا تنصرف عن العتق بالنية كقوله: أعتقتك أو حررتك أو أنت حر أو فككت رقبتك أو أنت مفكوك الرقبة، فإنه لا يصدق أنه أراد بهذه الصيغ ونحوها غير العتق فإن كانت هناك قرينة لفظية كقوله: أنت حر اليوم من هذا العمل وقال: لم أرد عتقه صدق بيمينه ثم لا يستعمله في ذلك اليوم كما قال في المدونة، وكذا لو قال: أنت حر اليوم فقط وقال: لم أرد عتقاً وإنما أردت من عمل خاص فإنه يصدق بيمينه أو قرينة معنوية كما لو رآه صنع شيئاً فأعجبه فقال: ما أنت إلا حر، أو قال له لما عصاه: تعال يا حر، وقال: لم أرد بذلك عتقاً وإنما أردت في الأول أنه حر الفعل، وفي الثاني أنه في معصيتي شبيه بالحر فإنه يصدق بيمينه في الفتوى والقضاء. وإما كناية وهي قسمان: ظاهرة كقوله: لا سبيل لي عليك أو لا ملك لي عليك ونحوها، فإن ذلك ظاهر في العتق ولكن ينصرف عنه بالنية ونحوها، فإذا قال السيد ذلك لعبده جواباً لكلام وقع من العبد لا يليق بالسيد، وقال: لم أرد بذلك عتقاً صدق بيمينه فإن قال ذلك في غير جواب أصلاً أو جواباً لكلام يليق بالسيد ولم يعلم هل كان جواباً لكلام أم لا عتق عليه، وإما كناية خفية كقوله له: اسقني ماء أو اذهب أو اغرب فإنه لا يلزمني شيء إلا إذا قال: نويت به العتق والعزب البعد فتبين أن القرينة يعمل بها في الصريح والكناية الظاهرة، وأما في الخفية فإنه لا يلزمه شيء إلا بالنية.
وليْسَ في التّدْبير والتبْتِيل ** إلى الرُّجُوع بَعْدُ مِنْ سبِيلِ

(وليس في التدبير و) لا في (التبتيل إلى الرجوع بعد) أي بعد عقدهما بالصيغ المتقدمة فيهما (من سبيل) هو اسم ليس. ومن زائدة، والتقدير: ليس هناك سبيل إلى الرجوع في التدبير والتبتيل بعد عقدهما كما له الرجوع في الوصية بعد عقدها، بل هما نافذان لازمان لا يقبل من السيد رجوع فيهما. نعم يبطلان معاً بدين محيط سابق عليهما لأنهما من التبرع وهو باطل بالدين المحيط (خ): للغريم منع من أحاط الدين بماله من تبرعه إلخ. اللاحق فإنه لا يبطل التبتيل ويبطل التدبير إن مات السيد لا إن كان حياً كما قال الأجهوري:
ويبطل التدبير دين سبقا ** إن سيد حي وإلا مطلقا

أي: وإلا يكن حياً أبطله مطلقاً سابقاً أو لاحقاً.
وَالعِتْقُ بالمالِ هو المُكاتَبَهْ ** وما لَهُ بالجَبْرِ مِنْ مُطَالَبَهْ

(والعتق بالمال) المؤجل (هو المكاتبة) فإن وقع العتق بالمال على السكت ولم يشترطا تنجيمه ولا تأجيله وجب تنجيمه على قد ما يرى من كتابة مثله وقدر قوته، وإن كره سيده لأن عرف الناس في الكتابة أنها منجمة فيحملان عليه عند السكت. قال في المدونة: فإن شرطا تعجيله فهي قطاعة كما مر في حد ابن عرفة. (وما له بالجبر من مطالبة) أي ليس للسيد أن يجبر عبده على الكتابة ولا للعبد أن يجبر سيده عليها، وإنما تصح برضاهما معاً على المشهور، لكن إذا طلبها العبد من سيده ندب للسيد أن يجيبه إليها، وإذا طلبها السيد جاز للعبد القبول وعدمه (خ) ندب مكاتبة أهل التبرع وحط جزء آخر، ولم يجبر العبد عليها، والمأخوذ منها الجبر إلخ. فما نافية وضمير له لواحد منهما لتقدم ذكرهما باللزوم، إذ العتق يستلزم معتقاً بالكسر ومعتقاً بالفتح، و(من) زائدة لا تتعلق بشيء، ومطالبة مبتدأ خبره له وبالجبر يتعلق بمطالبة أي ليس لواحد من السيد والعبد مطالبة الآخر بالجبر على الكتابة.
ولما كان الموجب للعتق أسباباً أربعة: أولها: العتق، باللفظ وتقدم، وثانيها: العتق بالقرابة ولم يتكلم الناظم عليه، وأشار (خ) بقوله: وعتق بنفس الملك الأبوان وإن علوا والولد وإن سفل كبنت وأخ وأخت مطلقاً إلخ. وثالثها: العتق بالمثلة وسيأتي في قوله: وعتق من سيده يمثل. إلخ. ورابعها: العتق بالسراية وله وجهان أحدهما: أن يكون يملك جميع العبد ولو بشائبة كأم ولده فيعتق جزأ منه كثلثه أو ربعه أو يده أو رجله أو شعره أو ريقه وجماله فإنه يكمل عليه ويعتق جميعه كما قال:
وَمُعْتِقٌ بِالجُزْءِ مِنْ عَبْدٍ لَهْ ** مُطَالَبٌ بالحُكْمِ أن يكْمِلَهْ

(ومعتق للجزء من عبد له) ولو ذا شائبة كمدبره (مطالب بالحكم أن يكمله) لأنه كمن قال لزوجته: يدك طالق أو شعرك طالق فإنه يلزمه الطلاق في جميعها، وظاهره كان المعتق موسراً أو معسراً وهو كذلك، وظاهره كان المعتق مسلماً أو ذمياً وليس كذلك، فإن الذمي إذا أعتق بعض عبده الذمي فإنه لا يكمل عليه. وكذا الزوجة والمريض في زائد الثلث وفهم من قوله بالحكم إنه لا يكمل عليه بنفس عتق الجزء بل لابد من حكم الحاكم بالتكميل وهو كذلك على المشهور، وعليه فأحكام الرق قبل الحكم جارية عليه فلا يحد قاذفه ولا يقتص من قاتله الحر المسلم ويرثه سيده دون ورثته وهكذا. والوجه الثاني: وهو أن يكون العبد مشتركاً بينه وبين غيره فيعتق منه حظه كله أو جزء من حظه، فإنه يكمل عليه حظه ويقوم عليه حظ شريكه ويدفع قيمته للشريك ويعتق جميعه كما قال:
وحَظُّ مَنْ شَارَكَهُ يَقُوْمُ ** عليه في اليُسْرِ وعِتْقاً يَلْزَمُ

(وحظ من شاركه يقوم عليه في) حال (اليسر وعتقا يلزم) ولتقويمه شروط:
أولها: أن يكون المعتق لجزئه موسراً كما نبه عليه الناظم بقوله: في اليسر أي بأن يكون موسراً يوم الحكم بقيمة حظ شريكه بما يباع على المفلس، فإن كان موسراً ببعضها عتق منه بقدر ذلك البعض، فإن لم يكن موسراً بكلها ولا ببعضها لم يقوم عليه شيء ويعلم عسره بأن لا يكون له مال ظاهر، ويسئل عنه جيرانه ومن يعرفه فإن لم يعلموا له مالاً حلف ولا يسجن، فإن لم يحكم عليه بالتقويم وهو مليء حتى مات أو فلس لم يعتق منه إلا ما كان أعتقه ولا يقوم عليه حظ شريكه كما رواه أشهب.
ثانيها: أن يدفع القيمة بالفعل فإن قوم عليه ولم يدفعها حتى مات العبد ورثه سيده دون ورثته فدفع القيمة بالفعل شرط في نفوذ العتق وتمامه لا في وجوب الحكم بالتقويم، فإذا توفرت شروط التقويم وجب الحكم بتقويمه وعتقه، وإذا حكم فلا ينفذ العتق ويتم إلا بدفعها، فإن أبى شريكه من قبضها قبضها الحاكم. ابن الحاجب: ولا يعتق إلا بعد التقويم ودفع القيمة على أظهر الروايتين.
ثالثها: أن يعتق الجزء باختياره لا إن أعتق عليه بغير اختياره كما لو ورث جزءاً من أبيه مثلاً فإنه لا يقوم عليه ما لم يرثه، ولو وهب له جزء من أبيه أو اشتراه قوّم عليه حصة شريكه لأنه متسبب بقبول الهبة والشراء.
رابعها: أن يكون السيد مسلماً أو العبد لا إن كان الاثنين كافرين.
خامسها: أن يبتدأ العتق لا إن كان العبد حراً لبعض وقد أفاد (خ) هذه الشروط بقوله: وبالحكم جميعه إن أعتق جزءاً والباقي له كان بقي لغيره إن دفع القيمة حال كونها معتبرة يوم الحكم والمعتق مسلماً أو العبد وأيسر بها أو ببعضها فمقابلها وفضلت عن متروك مفلس وحصل عتقه باختياره لا بإرث، وابتدأ العتق لا إن كان حر البعض إلخ. والشروط راجعة لما بعد الكاف من قوله كان بقي إلخ.
ثم أشار إلى العتق بالمثلة فقال:
وَعِتْقُ مَنْ سَيِّدُهُ يُمثِّلُ ** بهِ إذَا ما شَانَهُ يُبَتَّلُ

(وعتق من) أي العبد الذي (سيده يمثل به) عمداً (إذا ما) زائدة (شانه) أي عابه ذلك التمثيل المفهوم من قوله يمثل (يبتل) أي ينجز عتقه عليه بالحكم لا بنفس التمثيل (خ): وبالحكم إن عمد السيد لشين برقيقه ولو ذا شائبة كأم ولده ومدبر مدبره أو رقيق رقيقه أو رقيق ولده الصغير وهو غير سفيه ولا عبد ولا ذمي ولا مدين ولا زوجة ولا مريض في زائد الثلث، وإلاَّ فلا يعتق كما إذا لم يتعمدها والمثلة كخصاء وقلع ظفر وقطع بعض أذن أو جسد أو سن أو سحلها أي بردها بالمبرد أو خرم أنف أو حلق شعر أمة رفيعة أو لحية تاجر إلخ. والمعتمد أن حلق الشعر ولحية التاجر ليسا بمثلة لأن الشعر يعود كما في الزرقاني ونحوه في الشامل قائلاً: ولا مثلة بحلق لحية عبد وإن تاجراً أو رأس أمة وإن رفيعة عند مالك لا عند المدنيين كابن الماجشون فهو مثلة. واختار اللخمي القول الأول إن عاد الشعر، والثاني إن لم يعد إلخ. وبه يسقط اعتراض الشيخ بناني والوسم بالنار ليس بمثلة إلا أن يكتب بها في جبهته آبق ونحوه.
تنبيه:
إذا مثل الزوج بزوجته فلها التطليق كما مرّ في ضرر الزوجين.
وَمَنْ بِمَالٍ عِتْقُهُ مُنَجَّمِ ** يَكُونُ عَبْداً مَعْ بَقَاءِ دِرْهَمِ

(ومن) مبتدأ (بمال عتقه) مبتدأ ثان والمجرور قبله خبره (منجم) أي مؤجل يدفعه شيئاً فشيئاً فهو بالخفض نعت لمال، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره صلة من وهي واقعة على العبد المكاتب (يكون عبداً مع بقاء درهم) عليه من كتابته، والجملة خبر الموصول ولا مفهوم لقوله: منجم بل كذلك إذا قاطعه على مال حال وعجز عن أداء بعضه ولو درهماً فإنه يرق، وهذا إن اتفق السيد والعبد على التعجيز ولم يكن للعبد مال ظاهر وإلاَّ فليس له العجز على المشهور، ولو اتفقا عليه فإن اختلفا فقال السيد: أردت التعجيز وامتنع العبد أو بالعكس فلابد من نظر الحاكم في ذلك قاله في التوضيح.
والقوْلُ للسَّيِّدِ في مالٍ حَصَلْ ** وَالخُلْفُ في قَدْرٍ وَجَنسٍ وَأجَلْ

(والقول للسيد) بيمين كما في ابن عرفة: إذا اختلف مع عبده (في) نفي أداء (مال حصل) في ذمة العبد بسبب الكتابة فقال العبد: أديته كله أو بعضه، وأنكر السيد ذلك فإن نكل حلف المكاتب وعتق ومحل اليمين ما لم يشترط السيد في صلب عقد الكتابة التصديق بلا يمين، وإلاَّ فيعمل بشرطه كما في الزرقاني عن الجزيري، وتقدم نحوه في القرض. وكذا القول للسيد أيضاً في نفي الكتابة إذا ادعاها العبد وأنكرها السيد، لكن بلا يمين لأنها من دعوى العتق (خ): والقول للسيد في نفي الكتابة والأداء. (والخلف) أي الخلاف ثابت في اختلافهما (في قدر) فقال السيد: بمائة، وقال العبد: بخمسين، فإن القول للعبد بيمين على المشهور إن أشبه وحده أو مع السيد، فإن أشبه السيد وحده فقوله بيمين فإن لم يشبها حلفا ووجبت كتابة المثل كاختلاف المتبايعين بعد الفوت والكتابة هنا فوت ونكولهما كحلفهما ويقضي للحالف على الناكل. (وجنس) فقال السيد: كاتبتك بثياب من نعتها كذا. وقال العبد: بل كاتبتني بحيوان من نعته كذا، والمشهور وهو الذي عليه اللخمي والمازري أنهما يتحالفان وعلى العبد كتابة مثله في العين. (وأجل) هو شامل لاختلافهما في وجوده وعدمه أو في قدره أو في حلوله، أما الأول فالقول قول المكاتب أنها منجمة ما لم يأت من كثرة النجوم بما لا يشبه، وكذا يصدق المكاتب أيضاً إذا اختلفا في قدره أو حلوله (ح): لا اختلافهما في القدر والأجل والجنس يعني فإن القول لا يكون للسيد في هذه الثلاث، وإنما القول للعبد في الأولين في كلامه على التفصيل المذكور، وفي الثالث يتحالفان كما مرَّ فإن أقام كل البينة على ما يدعيه قضى بأعدلهما، فإن تكافأتا سقطتا وجرى ذلك على ما مرَّ إلا إن شهدت إحداهما أن الكتابة بمائة وشهدت الأخرى أنها بتسعين قضى ببينة السيد لأنها زادت كما في المدونة.
وَحُكْمُهُ كَالحُرِّ في التَّصَرُّفِ ** ومَنْعُ رَهْنٍ وَضَمانٍ اقْتُفِي

(وحكمه) أي المكاتب (كالحر في التصرف) فله البيع والشراء وغير ذلك من المعاوضات بلا إذن من سيده لا إن تصرف بغير معاوضة فلا يمضي كالعتق والهبة والصدقة وغير ذلك من التبرعات. (خ): وللمكاتب بلا إذن بيع واشتراء ومشاركة ومقارضة ومكاتبة عبده واستخلاف عاقد لأمته وإسلامها أو فداؤها إن جنت بالنظر وسفر لا يحل فيه نجم وإقرار في رقبته أي في ذمته بدين ونحوه، وأحرى إقراره بما يوجب حداً عليه، وله إسقاط شفعته لا عتق وإن قريباً وهبة وصدقة وتزويج وإقرار بجناية خطأ وسفر بعد إلا بإذن من سيده (ومنع رهن وضمان اقتفي) في الكتابة. فلا يجوز أن يكاتبه على أن يأخذ رهناً من غير مكاتبه ليستوفي منه الكتابة إن عجز العبد عنها أو مات لأن الرهن كالحمالة، والحمالة في الكتابة لا تجوز لأن الكتابة منجمة، والضامن يؤدي ما حل منها وقد يعجز العبد عن أداء باقيها فيأخذ السيد ما كان أخذه من الضامن باطلاً ولهذا إذا أعطاه الضامن على أن يعجل عتقه من الآن أو كانت الكتابة نجماً واحداً. وقال الضامن: هو علي إن عجز صح ذلك وجاز كما في الشامل وغيره، فإن وقع ونزل وأعطاه ضامناً أو رهناً في حالة عدم الجواز صحت الكتابة وبطل الرهن والحميل كما في ابن ناجي. (خ): صح الضمان في دين لازم أو آيل إلى اللزوم لا كتابة إلخ. أي: فإنها ليست بدين لازم ولا آيل إليه. ألا ترى إن مات المكاتب وعليه دين لم يحاصص السيد مع الغرماء، وإن عجز كانت الديون في ذمته يتبع بها إن عتق يوماً إن لم يبطلها عنه سيد أو سلطان ولا يدخلون مع السيد في رقبته، وقد قالوا يلحق بالكتابة سبعة أشياء وهي: الصرف والقصاص والحدود والتعازير ومبيع بعينه وعمل أجير يعمل بنفقته وحمولة دابة بعينها، فوجه المنع في الصرف هو أن يؤدي للتأخير، ووجهه في القصاص والحدود والتعازير أنه لا يمكن استيفاؤها من الضامن عند هروب المضمون، ووجهه في المبيع بعينه أنه إن كان المعنى أن الضامن يأتي به عند تعذره بهلاك ونحوه، فهذا غير ممكن. وإن كان المعنى أنه يضمن قيمته عند تعذره فذلك جائز، لكنه لم يصدق عليه أنه تحمل بعينه بل يقيمته ووجهه في الأجير يعمل بنفقته أي أكله أنه إن كان المعنى أن الضامن يقوم مقام الأجير في العمل، والأكل عند تعذره بمرض ونحوه، فهذا الضامن قد يقل عمله ويكثر، وكذا أكله قد يقل ويكثر ففيه خطر مع أنه دخل على استيفاء العمل من شخص معين، وإن كان المعنى أن الضامن يأتي به ولو هلك أو تروغ، فهذا لا يمكن وهو وجه المنع في حمولة دابة بعينها، وبالجملة فالضمان شغل ذمة أخرى كما مرَّ، والمعينات لا تقبلها الذمم، وكذا الحدود ونحوها لأنها متعلقة بالأبدان وعن هذه الأمور احترز (خ) بقوله: إن أمكن استيفاؤه من ضامنه إلخ. وبقوله شغل ذمة أخرى إلخ.